الأربعاء، مارس 26، 2008

مخطط ترويض أزرق !

مخطط ترويض أزرق !

اليد التي يسقط منها الرغيف .. يتسع فيها مكان للبندقية ؟؟!!

ليس بالضرورة .


أصدقائي ..
هل جرب أحدكم مرة أن يتغدى قصيدة ... أو بيت شعر ؟!
هل جرب أحد منكم مرة أن يدفع قسط التعليم أو إيجار الدار بواسطة
شيك مبادئ وقيم ؟!

لا تحاولوا ..

* * *

المرحلة الأولى – 1948 :


يروون عن مهرة عربية بيضاء .. كانت تعيش مرة هنا .. هي آخر من بقي من الخيول الأصيلة بعد أن اجتاح الغابة الأشرار ..
وكانت المهرة صغيرة وجميلة وأبية ..

وكان السيد قاسيا وذكيا.
استولى على الغابة .. سرق جميع المراعي الخضراء .. وحبس المهرة في واد صخري بلا عشب ولا ماء ..

صمدت المهرة في البداية .. بحثت عن الحشائش الصغيرة بين الصخور ..
وعندما نفدت .. احتملت الجوع والعطش .. قاومت .

قاومت .. لكن الجوع مزقها.. ألهب العطش جوفها ..

وأخيرا .. عندما لم تستطع بعد الاحتمال .. .. ركعت المهرة على ركبتيها ، وقبّلت الأرض بين يدي السيد .. رضيت أن يضع في فمها اللجام .. رضيت أن يربط السرج على ظهرها ..
ورضيت أن تجر المحراث .


كبرت المهرة .. وصارت فرسا ..
لكنها كانت قد نسيت ذلك .. وأنها كانت مرة تنتمي لعائلة كبيرة من الخيول الأصيلة ..
كانت أغلب الوقت تنسى أنها فرس ..
كانت قد تعودت أن تجر المحراث ..
وكانت.. طول الوقت .. جائعة ومتعبة .

ثم ...
ولدت الفرس العربية البيضاء ... مهرا عربيا أبيض .. ينحدر من سلالة الجياد الأصيلة ..
لكنه هو أيضا .. لم يكن يعرف أنه حصان .. وأن الخيل الأصيلة لا تجر المحراث ..

عندها ...

صار لدى السيد اثنان يجران المحراث (!) واتسعت أعماله .

* * *


المرحلة الثانية – 2007 :


" صبح الصباح .. فتاح يا عليم .. والجيب ما فيهش ولا مليم ..
بس المزاج رايق وسليم .. "

6:30 أنا وزوادتي وترموس القهوة ... رايحين على الشغل . .
...
...
...
18:30 أنا وترموس القهوة الفارغ ... راجعين من الشغل . . [ ومعنا فضل شاكر (بالراديو) ] .


[[ ينزل فضل شاكر عند مفرق جولاني .. ويركب معنا مذيع الأخبار .. ]]

المذيع : السابعة مساء سيداتي سادتي .. وإلى حضراتكم نشرة الأخبار ..
- - - : أهلا ...
المذيع : فرنسا تنضم إلى الأصوات التي تنادي بأن على العالم العربي الاعتراف بشرعية دولة اسرائيل كدولة ذات
طابع يهودي .. وقد أثار هذا التصريح –
- - - : آلو .. لأ ، نصف ساعة وأكون في البيت .. شو طابخة ؟ .. كمان مرة بيض ؟؟ طيب طيب .. والله فهمت ..
طيب هسا بشوف شو بساوي ..
المذيع : وقد تم افتتاح مقطع إضافي من شارع عابر اسرائيل .. والمعروف بشارع 6 ، والذي تمت إقامته على
أراض عربية مصادرة وخاصة في - ....
- - - : منذ أسبوع ونحن نخترع أكلات بدون لحم ..
بيض مقلي ... بطاطا وبيض .. مجدرة.. مجدرة .. عدس مجروش .. ومرة أخرى بيض ..
وكما يقول المثل : صار لازم نشتري لحمة !
...
ولازم أدفع الكهربا وإلا قطعوها عنا ..
الله يقطعها من عيشة !! ...

المذيع : هذا وتقوم الدولة الزرقاء بحملة دعاية كبيرة من أجل تجنيد الشباب العرب في صفوف الخدمة المدنية ،
- - - : لحظه .. انتظر ..
المذيع : وتحذر القيادات العربية من هذه الحملة لكونها وسيلة لأجراء عملية غسيل / شطف دماغ للشباب ..
- - - : قلنا لك انتظر !!
المذيع : عفوا .. عم تحكي معي ؟!
- - - : ليش مين في غيرك هون ؟!! طبعا عم بحكي معك .. امسك القلم وسجل شو بقلك ..
خليني أعرف حالي وين ..

المذيع : ...
- - - : دخان ، قهوة ، صابون غسيل ، لبنة ، حليب ، خبز ، بصل يابس ، زيت ذرة ، ورق تواليت ..
وينك ! عم بتسجل ؟

المذيع : عفوا .. نعم .. لكن ..
- - - : حساب التلفون ، وبنزين السيارة . وإذا اشترينا أغراض المنزل من محساني زول زول يمكن أن يبقى معي
50 شيكل أعطيها للصغيرة لرحلة المدرسة كي لا أكسر بخاطرها... -
المذيع : يا أخي .. هذه نشرة أخبار !! .. ماذا عن الملف النووي ؟! المخطط الصهيوني ؟! أمريكا ؟! مفاوضات
السلام ومفاوضات التسليم ومفاوضات الاستسلام ؟!
- - - : هذه الاشياء يجب أن تنتظر الى ان انتهي من حل المشاكل الملحة ! .. وهي : كيف سأدفع فاتورة الكهرباء ؟
ومن أين سأحضر 300 شيكل نقوط لعرس ابن أبو بطيخة ؟!! ... هذا المنـ... (!) مش عاجبه يتجوز
غير هسّا !!


***

أصدقائي ..
نحن شعب نصف جائع ..
لهذا ندور في الحلقة المفرغة..

( هكذا على الأقل يقول الصادق النيهوم .. إبحثوا عنه في ليبيا )

لأن المشغول بصراع البقاء .. ليس معه وقت ليهتم بالسياسة .. ليناقش الفلسفة .. ولا ليتعلم الموسيقى ، أو الأدب ..
وليس معه وقت ليهتم بالأحاسيس والمشاعر ...
المشغول بصراع البقاء .. مشغول بالرغيف وحده .

مجرد نقطة للتفكير ..
فكروا .. مش غلط .

· * *
·
ملاحظات .. على الهامش (!):

أشكركم جدا على ردودكم .
وأنا سعيد جدا لأن كتاباتي تعجب البعض منكم لدرجة أنهم بدأوا ينشرونها باسمهم ..

حتى المرة القادمة ..
تصبحون على .. فنجان قهوة وأغنية حلوة لفيروز .



الثلاثاء ، 11.12.07

الكمانة ، فلسطين المحتلة

( لأنها بقيت ... )

ليست هناك تعليقات: